يعلّم بعض العلماء أن قصة آدم وحواء أسطورة في محاولة لإيجاد حل وسط بين الكتاب المقدس ونظرية التطور. ويصرون على أن القصة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها أسطورة بالمعنى الحرفي للكلمة. حتى أنهم يقترحون أن البشر لم يخلقهم الله، لكنهم تطوروا بشكل طبيعي. هذا يعني أننا لا نستطيع أن نأخذ الكتاب المقدس كما هو بجدية.
قصة آدم وحواء
يخبرنا كتاب سفر التكوين أن الله خلق السماوات والأرض. وفي اليوم السادس خلق آدم أولاً، ثم حواء. وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا… فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.». (تكوين 26:1 و27). كانت تلك الصورة عن طبيعتهم الروحية. أصبح آدم وحواء “أرواحًا حية”، أو بالأحرى كائنات حية، بإرادة حرة وشخصيات ذاتية.
“وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».(تكوين 1: 28).
وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا.”وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».(تكوين 16:2و17).
كان للحظر أيضًا عقوبة في حالة العصيان ، وهي الموت. لتتغير حالة آدم وحواء من الخلود المشروط إلى الخلود غير المشروط. الانفصال عن مصدر الحياة يؤدي في النهاية إلى الموت فقط.
محبة آدم وحواء لله لم يُجبرا عليها. كان بإمكانهما أن يختارا إما الانصياع أو العصيان. كان القرار لهما. الثمرة نفسها لم تكن مضرة. لكن أمر الله الواضح بعدم الأكل منها جعلها امتحانًا. تمت كتابة شريعة الله على قلوب آدم وحواء، ومع ذلك ، كونهما أحرارًا، كان بإمكانهما بكل محبة اختيار طاعة الله، أو تجاهل كلمته.
سقوط الجنس البشري
الشيطان، مستخدما الحية، أغوى حواء:
«أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا».
فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.“.(تكوين 1:3-6)
جعل الشيطان حواء تشكك في كلمة الله بكذبة خفية. لهذا دعاه المسيح “كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ” (يوحنا 44:8). بخلط الحقيقة بالخطأ، حاول الشيطان إرباك عقل حواء حتى لا تتمكن من اتخاذ القرار الصائب.
للأسف، اتخذ الزوجان الأولان قرارًا بعصيان الله وأكلا من الثمرة المحرمة في الجنة. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ (تكوين 7:3). وهكذا فقدا كمالهما الأصلي وارتباطهما المباشر بالله.
خطة الفداء
خطط الله لدفع ثمن عقاب الخطية للجنس البشري. (يوحنا 16:3). وطلب من آدم وحواء أن يقدما ذبائح حيوانية لمغفرة خطاياهم. كانت الذبائح رمزًا لحمل الله الموعود به، والذي سيموت للتكفير عن خطاياهم. وهكذا، سينقذ المخلص الجنس البشري من عبودية الشيطان حتى يتمكن كل من يقبل الخلاص أن يعيش معه إلى الأبد. بفعله هذا، فإن المسيح يسحق رأس الحية.
” وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ“(تكوين 15:3).
كانت هذه نبوّة عن الصراع العظيم بين “نسل” الشيطان أو أتباعه (يوحنا 44:8؛ أعمال الرسل 10:13؛ يوحنا الأولى 10:3) ونسل المرأة. السيد المسيح هو “نسل” المرأة (رؤيا 12: 1-5؛ غلاطية 16:3و19).” لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ” (عبرانيين 14:2؛ يوحنا الأولى 8:3).
المعركة التي ابتدأت في السماء (رؤيا 6:12-9) استمرت على الأرض، حيث انتصر المسيح مرة أخرى (عبرانيين 14:2). ستنتهي هذه الحرب أخيرًا بعد المجيء الثاني عندما يرى الكون كله نتيجة الخطيّة (رؤيا 10:20). لكن المسيح لم يخرج من هذه المعركة سليماً. علامات الظفر في يديه وقدميه والندبة الموجودة في جنبه, كلها ستكون بمثابة علامات أبدية للمعركة العظيمة التي سحق فيها الحية (يوحنا 25:20؛ زكريا 6:13).
محبة الله لانهائية. كتب الرسول يوحنا، ” لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.”(يوحنا 16:3). أكبر برهان عن الحب الإلهي هو تقديم الآب لابنه الوحيد، الذي من خلاله يصبح من الممكن للمؤمنين أن “يُدعوا أبناء الله” (1 يوحنا 3: 1). ” لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.”(يوحنا 15: 13).
العدالة الإلهية تأمر بمعاقبة الخطيّة. لكن الرحمة الإلهية وجدت طريقة لخلاص البشرية – بالتضحية الطوعية لابن الله (بطرس الأولى 20:1؛ أفسس 11:3؛ تيموثاوس الثانية 1: 9؛ رؤيا 8:13). يكون الحب حقيقي فقط عندما ينكشف. محبة الله للجنس الساقط جعلته يبذل كل ما عنده من أجل خلاصهم (رومية 5: 8). جوهر المحبة هو التضحية بالنفس من أجل الآخرين؛ الأنانية هي نقيض المحبة.
المحبة هي السمة الأسمى للخالق بالنسبة لمخلوقاته. إنها القوة الحاكمة في الإدارة الإلهية. “الله محبة” (1 يوحنا 4: 8). على الرغم من أن محبة الله تشمل كل البشر، إلا أنها نافعة فقط لأولئك الذين يقبلونها (يوحنا 1:12). تحتاج المحبة المعاملة بالمثل لكي تعمل بكامل طاقتها.
بعد السقوط، خشي الله أن يأكل الإنسان ثمر شجرة الحياة (تكوين 2: 8) ويعيش في البؤس والشقاء الى الأبد. لذلك، برحمته ، أخرج آدم وحواء من جنة عدن (تكوين 3: 22-24). خسارة الجنة تركت روح ندم عميق في قلبهما.
أكد يسوع قصة آدم وحواء
بعد حوالي 4000 سنة، أكد المسيح بوضوح سفر التكوين. قال: ” وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ. مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ”(مرقس 6:10-9 أيضًا تكوين 24:2).
من كلمات يسوع، يمكن للمرء أن يرى بوضوح أنه آمن بقصة آدم وحواء الموجودة بسفر التكوين. لذلك، لا يمكن للمسيحي أن يحافظ على إيمانه بيسوع وكلمته، بينما ينكر التفاصيل التي دعمها. نحن نعلم أن شهادة يسوع صحيحة بسبب شهادة الآب عن ابنه(« هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».(متى 17:3)، وحياته الخالية من الخطيّة (كورنثوس الثانية 21:5)، وأعماله العظيمة (يوحنا 25:21)، وقيامته من الأموات (بطرس الأولى 3:1).
آدم الأول وآدم الأخير
ألمح الرسول بولس أيضًا إلى قصة الخلق عندما تحدث عن آدم الأول والآخر.” هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا:«صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا».”(1 كورنثوس 45:15). هذا المرجع الذي يشير إلى آدم الأخير يثبت وجود آدم الأول – الأب الأصلي للجنس البشري.
يستمد الناس طبيعتهم الأرضية من الإنسان الأول، آدم، ويحصلوا على القيامة بواسطة يسوع. الأول هو رئيس الجموع العظيمة التي لها وجود زمني مؤقت. والآخر هو رئيس لكل من سيحصل من خلال الخضوع له، على جسد روحي ويدخل الى الحياة الأبدية عند مجيئه الثاني، (رومية 15:5-18؛ كورنثوس الأولى 15: 51-54).
الخلق مقارنة بالتطور
• وَقَالَ اللهُ: “نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا” آدم وحواء ليسا حادثة بيولوجية. ومن المثير للاهتمام، أن كلمة ” نَعْمَلُ” في اليونانية هي في صيغة التكوين، مما يعني نقطة بداية، بدلاً من تطور تدريجي (الذي هو نظرية التطور).
• آدم وحواء ” ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ”. لم يكونا في البداية “نقطة” غير معروفة اختبرت في النهاية تحويلًا جنسيًا.
• آدم وحواء موجودان “منذ بدء الخليقة”. الكلمة اليونانية التي تعني “بداية” هي كلمة arché، وتستخدم لكلمة “مطلق ، للدلالة على بداية العالم وتاريخه، بداية الخليقة”. الكلمة اليونانية التي تعني “الخلق” هي ktiseos ،وترمز إلى “كل ما خلقه الله”.
من المؤكد أن المسيح لم يعلّم أن الحياة على الأرض استغرقت ملايين أو بلايين السنين لتتطور. كانت قصة آدم وحواء قصة أناس حقيقيين عاشا في جنة عدن. لقد طُردوا من الجنة لسبب العصيان (تكوين 24:3). لكن الرب في رحمته وعد بمخلصًا ليفديهام ونسلهما من عقاب الخطية المميت (تكوين 15:3).
في خدمة الرب,
BibleAsk Team