الخطيّة التي لا تغتفر
يقول الكتاب المقدس:” فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ.”(عبرانيين 26:10-27). يصاب البعض بالإحباط عندما يقرؤون المقطع أعلاه ولا يفهمون النقطة الفاصلة بين الخطيّة والحصول على الغفران من ناحية وارتكاب الخطيّة التي لا تغتفر من ناحية أخرى.
أن تخطئ عمدا يعني الاستمرار في الخطيّة عمدا. كما يوضح السياق في (عبرانيين 29:10)، فإن الإشارة هنا ليست إلى أعمال الخطيّة المنفردة التي ارتُكبت بمعرفة كاملة من نفسيّتهم الشريرة، ولكن إلى التشبُّص الذهني في الإستمرار في رفض المسيح عمداً، ورفض الخلاص، ورفض الروح القدس. هذه خطيّة متعمّدة ومستمرة ومتحدية. تعتبر رفضًا لقبول الخلاص بالمسيح وتسليم القلب والعيش له. وهي ارتداد متعمَّد يؤدي إلى الخطيّة التي لا تغتفر.
أشار يسوع إلى هذه الخطيّة قائلاً:” لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.”(متى 31:12-32).
في هذه الحالة، يتصلّب الضمير من خلال الرفض المستمر لتوسلات الروح القدس، وقد لا يدرك المرء أنه اتخذ القرار المميت. لذلك، فإن الشخص الذي يعاني من خوف دائم من أنه قد ارتكب “الخطيّة التي لا تغتفر”، فهذا دليل واضح على أنه لم يرتكب تلك الخطيّة.
يمكن للشخص الذي يُأنِّبه ضميره أن يتعامل مع المشكلة ويزيل الشك بإحدى الطريقتين: أن يستسلم لقوة الروح القدس المغيِّرة، ويستجيب لصوت الروح القدس بالتصالح مع الله والإنسان، أو أن يقسي ضميره برفض كل توسلات الروح القدس (أفسس 30:4). والذي يفعل ذلك لا يستطيع أن يتوب، لأن ضميره قد أصبح بدون إحساس، ولا يريد أن يتوب. لقد تعمّد في وضع قلبه بعيدًا عن إيصال نعمة الله.
أمل التائب
كل الخطاة هم في حالة تمرد ضد الله (رومية 7:8). ولكن، كما أوضح بولس للأثينيين قائلاً:” فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ.”(أعمال الرسل 30:17). الله لا يحاسب الناس على خطاياهم التي قد اقتُرِفت في حياة الظلمة التي كانوا يعيشونها قبل الحصول على نور الحق (يوحنا 22:15؛ حزقيال 18:2-21؛ لوقا 34:23؛ تيموثاوس الأولى 13:1).
الله يحب الخطاة، وبالفعل أرسل ابنه ليخلِّصهم (يوحنا 4:1-5، 9-12؛ 16:3؛ متى 13:9). ولكن عندما يأتي النور ويختار الناس الظلمة عوضاً عن النور، فإنهم يقفون أمام الله مذنبين وحاكمين على أنفسهم (يوحنا 19:3)، و” لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، “(عبرانيين 26:10؛ يعقوب 17:4).
لكن إذا أخطأ المؤمن وهو يجاهد للتغلب على الخطيّة، فيمكنه أن يتمسّك بالوعد التالي ويثق في أن الرب لن يغفر خطيّته فحسب، بل ينقذه ويعطيه النصرة:” إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ.”(1 يوحنا 9:1). وبالتالي، فإن النقطة الفاصلة لرفض الله أو مغفرته تعتمد على مدى استعداد الإنسان للتوبة، عند سماع صوت الله.
في خدمة الرب,
BibleAsk Team