في موضوع العصيان المدني للمسيحيين, أعطى الرسولان بولس وبطرس مشورة واضحة لعلاقة المسيحي بالدولة:
” لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ. لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ. فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.”(رومية 1:13-7).
“فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ،أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ. لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ. كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ. أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ”(بطرس الأولى 13:2-17).
على الرغم من أن بولس كان يتحدث إلى أولئك الذين كانوا تحت حكم نيرون الشرير، كان على المؤمنين قبول الخضوع للحكومة لأنه لا توجد سلطة غير تلك التي أنشأها الله، وأن الحكام يخدمون الله في مناصبهم السياسية. لكن هل يعني هذا أن على المسيحيين أن يخضعوا دائمًا لما تأمر به الحكومة، بغض النظر عما يُطلب منهم؟ طبعاً لا.
تعلِّم الأسفار المقدسة أنه يجوز للمسيحي أن يتصرف في عصيان مدني ضد الحكومة إذا أمرته بانتهاك أوامر كلمة الله. يعطينا الكتاب المقدس أمثلة عن أناس عصوا الحكومة ليحافظوا على طاعتهم لله، وباركهم الله على ذلك:
خروج 1 – أعطى فرعون أمرًا واضحًا لقابلتين عبرانيتين بقتل جميع الأطفال الذكور لليهود. لكن القابلتان عصتا فرعون و” خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ.” (خروج 17:1). يمضي الكتاب المقدس ليقول إن القابلتين كذبتا على فرعون بشأن ترك الأطفال بالعيش؛ مع أنهما كذبتا وعصتا الحكومة،” أَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ، وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدًّا. وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتًا.”(خروج 20:1-21)
يشوع 2 – عصت راحاب أمرًا مباشراً من ملك أريحا بتسليم الجواسيس الإسرائيليين الذين دخلوا المدينة للحصول على معلومات عن المعركة. بدلا من ذلك، ساعدتهم على الهروب. عصت راحاب الأمر وتم تخليصها من دمار المدينة عندما دمرها يشوع والجيش الإسرائيلي.
1 ملوك 18 – تمرد عُوبَدْيَا الذي “يَخْشَى الرَّبَّ جِدًّا.” على الملكة إِيزَابَلُ التي كانت تقتل أنبياء الله ، وأخذ عُوبَدْيَا مئة منهم وأخفاهم عنها لكي يعيشوا.
سجل كتاب دانيال عدة أعمال عصيان مدني. في الفصل 3 حيث شدرخ وميشخ وعبدنغو عصوا لأمر الملك نبوخذ نصر حين رفضوا أن يسجدوا للصنم الذهبي، وفي الفصل 6 حيث عصى دانيال أوامر الملك الذي أمر حينها أنه يمنع الصلاة أو الطلبات من أي أله غيره ولكن دانيال قام بصلاته اليومية كالمعتاد. لقد عصوا قوانين مملكتهم لكي يطيعوا قوانين الله.
يسجل أعمال الرسل 4 و 5 العصيان المدني الذي قام به بطرس ويوحنا ضد السلطات التي منعت بالتبشير بالكلمة.” فَأَجَابَهُمْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَقَالاَ:«إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا. لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا”(أعمال الرسل 19:4-20). وأضاف بطرس:”يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ.”(أعمال الرسل 29:5).
وأخيرًا، يتنبأ سفر الرؤيا بالعصيان المدني المستقبلي على الحكومة عندما يتمرد جميع المؤمنين ضد المسيح الدجال الذي سيستخدم السلطات المدنية لتقييد الحرية الدينية ويأمر كل الأحياء في نهاية الأيام بعبادة صورته. (رؤيا ١٥:١٣). هذا سيكون الامتحان النهائي لجميع المؤمنين. أولئك الذين سيمتثلون للدولة سوف يهلكون. لكن أولئك الذين يرفضون سيخلصون. حتى ذلك الوقت، يُؤمر المسيحيون بالصلاة من أجل حكوماتهم: ” فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ، “(تيموثاوس الأولى 1:2-2).
في خدمة الرب,
BibleAsk Team